عَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِدُونِ إِذْنِ وَلِيِّهِ؛ لأَِنَّ عِبَارَتَهُ مُلْغَاةٌ، فَلاَ تَصِحُّ بِهَا الْعُقُودُ، وَلأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ كَالسَّفِيهِ، وَلأَِنَّ فِي تَصْحِيحِ تَصَرُّفِهِ ضَيَاعًا لِمَالِهِ، وَضَرَرًا عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ، فَلاَ يَصِحُّ مِنْهُ (?) .
أَمَّا تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الإِْذْنِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا الْفُقَهَاءُ.
فَالْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ: يَرَوْنَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ نَافِذٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (?) وَالاِبْتِلاَءُ يَكُونُ قَبْل الْبُلُوغِ، وَلأَِنَّ الصَّبِيَّ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ، فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، كَمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرِ فِي التِّجَارَةِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ إِذْنُهُ، فَلاَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الإِْذْنِ، كَمَا لَمْ يَصِحَّ قَبْل الإِْذْنِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِل أَوْ يُفِيقَ (?)