وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ يُعَدُّ مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ، وَإِنِ اسْتَحَبُّوا تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ.
أَمَّا الرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: فَالاِسْتِنْجَاءُ قَبْل الْوُضُوءِ - إِذَا وُجِدَ سَبَبُهُ - شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلاَةِ. فَلَوْ تَوَضَّأَ قَبْل الاِسْتِنْجَاءِ لَمْ يَصِحَّ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَهَذَا فِي حَقِّ السَّلِيمِ، أَمَّا فِي حَقِّ صَاحِبِ الضَّرُورَةِ - يَعْنُونَ صَاحِبَ السَّلَسِ وَنَحْوِهِ - فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الاِسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ.
وَعَلَى هَذَا، فَإِذَا تَوَضَّأَ السَّلِيمُ قَبْل الاِسْتِنْجَاءِ، يَسْتَجْمِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالأَْحْجَارِ، أَوْ يَغْسِلُهُ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَلاَ يَمَسُّ الْفَرْجَ. (?) وَقَوَاعِدُ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى لاَ تَأْبَى ذَلِكَ التَّفْصِيل.
10 - لِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ اتِّجَاهَانِ:
الاِتِّجَاهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ الاِسْتِجْمَارِ عَلَى التَّيَمُّمِ، وَهَذَا رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَوْلٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
وَعَلَّل الْقَرَافِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لاَ بُدَّ أَنْ يَتَّصِل بِالصَّلاَةِ، فَإِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ اسْتَنْجَى فَقَدْ فَرَّقَهُ بِإِزَالَةِ النَّجْوِ.
وَعَلَّل الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى ذَلِكَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لاَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّمَا تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلاَةُ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يُمْكِنُهُ إِزَالَتُهَا لاَ تُبَاحُ لَهُ الصَّلاَةُ، فَلَمْ تَصِحَّ نِيَّةُ الاِسْتِبَاحَةِ، كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ قَبْل الْوَقْتِ.
وَالاِتِّجَاهُ الثَّانِي: أَنَّ التَّرْتِيبَ هُنَا لاَ يَجِبُ، وَهُوَ