00 {وَمَنْ يَقْتُل مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} .
وَجْهُ الدَّلاَلَةِ مِنَ الآْيَتَيْنِ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل أَوْجَبَ فِي الآْيَةِ الأُْولَى كَفَّارَةَ الْقَتْل الْخَطَأِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الآْيَةِ الثَّانِيَةِ الْقَتْل الْعَمْدَ، وَلَمْ يُوجِبْ فِيهِ كَفَّارَةً، جَعَل جَزَاءَهُ جَهَنَّمَ، فَلَوْ كَانَتِ الْكَفَّارَةُ فِيهِ وَاجِبَةً لَبَيَّنَهَا وَذَكَرَهَا، فَكَانَ عَدَمُ ذِكْرِهَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّهُ لاَ كَفَّارَةَ فِيهِ (?) .
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَتَل رَجُلاً، فَأَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَلَمْ يُوجِبْ كَفَّارَةً (?) .
وَقَالُوا: إِنَّ الْقَتْل الْعَمْدَ فِعْلٌ يُوجِبُ الْقَتْل فَلاَ يُوجِبُ كَفَّارَةً، كَزِنَا الْمُحْصَنِ (?) ، وَإِنَّ الْكَفَّارَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعُقُوبَةِ، فَلاَ بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَبَبُهَا دَائِرًا بَيْنَ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ لِتَعَلُّقِ الْعِبَادَةِ بِالْمُبَاحِ وَالْعُقُوبَةِ بِالْمَحْظُورِ، وَقَتْل الْعَمْدِ كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ، فَلاَ تُنَاطُ بِهِ كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ، مِثْل الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالرِّبَا، وَلِعَدَمِ جَوَازِ قِيَاسِهِ عَلَى الْخَطَأِ، لأَِنَّهُ دُونَهُ فِي الإِْثْمِ، فَشَرْعُهُ لِدَفْعِ الأَْدْنَى لاَ يَدُل عَلَى دَفْعِ الأَْعْلَى،