الْمَنْهِيِّ إِلَى فِعْلِهِ، فَلاَ تَكْلِيفَ قَبْل الدَّاعِيَةِ، فَإِذَا قَال الشَّارِعُ: لاَ تَزْنِ، وَالْغَرَضُ أَنَّ مَعْنَاهُ كُفَّ نَفْسَكَ مِنَ الزِّنَا لَزِمَ أَنْ لاَ يَتَعَلَّقَ التَّكْلِيفُ قَبْل طَلَبِ النَّفْسِ لِلزِّنَا، لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَخْطُرْ طَلَبُهَا لِلزِّنَا كَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَفُّهَا عَنْهُ؟ فَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ كَفَّ النَّفْسِ فِي حَال عَدَمِ طَلَبِهَا طَلَبَ مَا هُوَ مُحَالٌ.

وَعَلَى هَذَا يَكُونُ نَحْوُ: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا} (?) تَعْلِيقُ التَّكْلِيفِ، أَيْ إِذَا طَلَبَتْهُ نَفْسُكَ فَكُفَّهَا (?) .

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ أَكْثَرُ الأُْصُولِيِّينَ الْقَادِرَ الْمُوَجَّهَ إِلَيْهِ التَّكْلِيفُ بِأَنَّهُ إِنْ شَاءَ فَعَل وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَل، لاَ إِنْ شَاءَ فَعَل وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَيَدْخُل فِي الْمَقْدُورِ عَدَمُ الْفِعْل إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَكَانَ الْفِعْل مِمَّا يَصِحُّ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْمَشِيئَةِ، فَتُخْرَجُ الْعَدَمِيَّاتُ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ، فَالْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْيِ لَيْسَ مُجَرَّدُ عَدَمِ الْفِعْل، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ (?) .

وَعَلَى ذَلِكَ فَكَفُّ النَّفْسِ فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَمَل فِي الْمَأْمُورِ بِهِ، أَمَّا عَدَمُ الْفِعْل، فَكَانَ مُتَحَقِّقًا مِنْ قَبْل وَاسْتَمَرَّ، فَلاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّكْلِيفُ أَصْلاً، كَمَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشِّرْبِينِيُّ عَلَى حَاشِيَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015