بِحُصُولِهَا، قَصَدَ الشَّارِعُ حُصُولَهَا مِنْ مَجْمُوعِ الْمُكَلَّفِينَ لاَ مِنْ جَمِيعِهِمْ، وَلَيْسَ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا قَامَ بِهِ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ (?) .
وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى يَخْتَلِفُ عَنْ (فَرْضِ الْعَيْنِ) ، وَهُوَ: مَا طَلَبَ الشَّارِعُ حُصُولَهُ مِنْ كُل فَرْدٍ مِنَ الأَْفْرَادِ الْمُكَلَّفِينَ بِهِ (?) ، مِثْل الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ لاَ يَسْقُطُ الإِْثْمُ عَنِ الْبَاقِينَ.
وَأَهَمُّ وُجُوهِ الاِخْتِلاَفِ بَيْنَهُمَا
أ - أَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ، كَصَلاَةِ الظُّهْرِ مَثَلاً، فَإِنَّ مَصْلَحَتَهَا الْخُضُوعُ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمُهُ وَمُنَاجَاتُهُ وَالتَّذَلُّل إِلَيْهِ وَالْمُثُول بَيْنَ يَدَيْهِ وَالتَّفَهُّمُ لِخِطَابِهِ وَالتَّأَدُّبُ بِأَدَبِهِ، وَهَذِهِ مَصَالِحُ تَتَكَرَّرُ كُلَّمَا تَكَرَّرَتِ الصَّلاَةُ فَتَجِبُ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ.
أَمَّا فَرْضُ الْكِفَايَةِ فَلاَ تَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ كَنُزُول الْبَحْرِ لإِِنْقَاذِ الْغَرِيقِ، فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ لاَ تَتَكَرَّرُ بِنُزُول كُل مُكَلَّفٍ، فَإِذَا أَنْقَذَ الْغَرِيقَ إِنْسَانٌ تَحَقَّقَتِ الْمَصْلَحَةُ بِنُزُولِهِ، وَالنَّازِل بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْبَحْرِ لاَ تَحْصُل مِنْهُ