وَالاِتِّجَاهُ الثَّالِثُ: أَنَّ اسْتِنَادَ الْقَائِمِ فِي صَلاَةِ الْفَرْضِ جَائِزٌ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ.
ثُمَّ إنَّ الصَّلاَةَ الْمَفْرُوضَةَ - الَّتِي هَذَا حُكْمُ الاِسْتِنَادِ فِيهَا - تَشْمَل الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ وَالْكِفَائِيَّ، كَصَلاَةِ الْجِنَازَةِ، وَصَلاَةِ الْعِيدِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا.
وَتَشْمَل الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ عَلَى مَنْ نَذَرَ الْقِيَامَ فِيهِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الدُّسُوقِيُّ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ سُنَّةَ الْفَجْرِ عَلَى قَوْلٍ لِتَأَكُّدِهَا. (?)
ب - الاِسْتِنَادُ فِي الْفَرْضِ فِي حَال الضَّرُورَةِ:
4 - يَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ، بِحَيْثُ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا إِلاَّ بِالاِسْتِنَادِ، أَنَّ الاِسْتِنَادَ جَائِزٌ لَهُ. (?) وَلَكِنْ هَل يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ فَيَجُوزُ لَهُ الصَّلاَةُ جَالِسًا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقِيَامِ بِالاِسْتِنَادِ؟ لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اتِّجَاهَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ حِينَئِذٍ وَلاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ جَالِسًا. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَقَوْلٌ مَرْجُوحٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ.
قَال شَارِحُ الْمُنْيَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ خَادِمٍ. قَال الْحَلْوَانِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ مُتَّكِئًا.
الثَّانِي: وَهُوَ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ،