بِالْعَدْل أَفْضَل مِنَ التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ كَمَا اخْتَارَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الْعِبَادَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْجِهَادُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي طَلَبِ الْحَلاَل (?) ، يَعْنِي طَلَبَ الْحَلاَل لِلإِْنْفَاقِ عَلَى الْعِيَال، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنَّهُ بِالْكَسْبِ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ مِنَ الْجِهَادِ وَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالإِْحْسَانِ إِلَى الأَْقَارِبِ وَالأَْجَانِبِ، وَفِي التَّفَرُّغِ لِلْعِبَادَةِ لاَ يَتَمَكَّنُ إِلاَّ مِنْ أَدَاءِ بَعْضِ الأَْنْوَاعِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ (?) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ أَنَّ التَّفَرُّغَ لِلْعِبَادَةِ أَفْضَل؛ لأَِنَّ الأَْنْبِيَاءَ وَالرُّسُل عَلَيْهِمْ السَّلَامُ مَا اشْتَغَلُوا بِالْكَسْبِ فِي عَامَّةِ الأَْوْقَاتِ، وَلاَ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّ اشْتِغَالَهُمْ بِالْعِبَادَةِ فِي عُمُرِهِمْ كَانَ أَكْثَرَ مِنَ اشْتِغَالِهِمْ بِالْكَسْبِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَارُونَ لأَِنْفُسِهِمْ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَلاَ شَكَّ أَنَّ أَعْلَى مَنَاهِجِ الدِّينِ طَرِيقُ الْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ، وَكَذَا النَّاسُ فِي الْعَادَةِ إِذَا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ يَحْتَاجُونَ إِلَى دَفْعِهِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَيَشْتَغِلُونَ بِالْعِبَادَةِ لاَ