شَرْحِ السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْقُرْطُبِيُّ.
وَقَال عِيَاضٌ: هُوَ مَحْمُولٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَظَالِمِ عَلَى مَنْ تَابَ وَعَجَزَ عَنْ وَفَائِهَا، وَالْحَاصِل أَنَّ تَأْخِيرَ الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ، وَتَأْخِيرَ نَحْوِ الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى، فَيَسْقُطُ إِثْمُ التَّأْخِيرِ فَقَطْ عَمَّا مَضَى دُونَ الأَْصْل وَدُونَ التَّأْخِيرِ الْمُسْتَقْبَل، وَنَقَلَهُ عَنِ التِّرْمِذِيِّ وَاللَّقَانِيِّ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَابِدِينَ سُقُوطَ الدَّيْنِ أَيْضًا عِنْدَ الْعَجْزِ كَمَا قَال عِيَاضٌ لَكِنَّ تَقْيِيدَ عِيَاضٍ بِالتَّوْبَةِ وَالْعَجْزِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لأَِنَّ التَّوْبَةَ مُكَفِّرَةٌ بِنَفْسِهَا، وَهِيَ إِنَّمَا تُسْقِطُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى لاَ حَقَّ الْعَبْدِ، فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْمُسْقِطِ هُوَ الْحَجَّ كَمَا اقْتَضَتْهُ الأَْحَادِيثُ (?) .
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحَجَّ لاَ يُكَفِّرُ الْكَبَائِرَ، وَلَيْسَ مُرَادُ الْقَائِل بِأَنَّهُ يُكَفِّرُهَا أَنَّهُ يُسْقِطُ عَنْهُ قَضَاءَ مَا لَزِمَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَتَرَكَهُ وَالْمَظَالِمَ وَالدَّيْنَ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ إِثْمَ تَأْخِيرِ ذَلِكَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ طُولِبَ بِقَضَاءِ مَا لَزِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَل مَعَ قُدْرَتِهِ فَقَدِ ارْتَكَبَ الآْنَ الْكَبِيرَةَ الأُْخْرَى (?) ، وَالْمَسْأَلَةُ ظَنِّيَّةٌ، فَلاَ يُقْطَعُ بِتَكْفِيرِ الْحَجِّ لِلْكَبَائِرِ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى، فَضْلاً عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ (?) .