وَالثَّانِي: مَا يُوقِعُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِهِ، فَيَعْلَمُونَ أَحْوَال بَعْضِ النَّاسِ بِنَوْعٍ مِنَ الْكَرَامَاتِ وَإِصَابَةِ الظَّنِّ وَالْحَدْسِ (?) ، وَلاَ يُكْتَسَبُ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْفِرَاسَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ طِبْقًا لِمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِجَوْدَةِ الْقَرِيحَةِ وَحِدَّةِ الْخَاطِرِ وَصَفَاءِ الْفِكْرِ. . . وَتَفْرِيغِ الْقَلْبِ مِنْ حَشْوِ الدُّنْيَا، وَتَطْهِيرِهِ مِنْ أَدْنَاسِ الْمَعَاصِي، وَكُدُورَةِ الأَْخْلاَقِ وَفُضُول الدُّنْيَا (?) .
وَتَتَمَيَّزُ الْقِيَافَةُ عَنِ الْفِرَاسَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقَائِفَ يَقُومُ بِجَمْعِ الأَْدِلَّةِ وَيَكْشِفُ عَنْهَا، مَعَ النَّظَرِ فِيهَا وَالْمُوَازَنَةِ بَيْنَهَا بِنَوْعِ خِبْرَةٍ لاَ تُتَاحُ إِلاَّ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّمَرُّسِ وَمُدَاوَمَةِ النَّظَرِ وَالدِّرَاسَةِ، أَمَّا التَّفَرُّسُ فَيُخْتَصُّ بِإِعْمَال الذَّكَاءِ الشَّخْصِيِّ وَالْقُدْرَةِ الذِّهْنِيَّةِ الْخَاصَّةِ لِوَزْنِ الأَْدِلَّةِ الْمُتَعَارِضَةِ وَتَقْدِيرِهَا.
وَيُلْحِقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْفِرَاسَةَ بِالإِْلْهَامِ وَالْكَرَامَةِ، وَلاَ يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْحُكْمُ بِالْفِرَاسَةِ عِنْدَهُمْ لِهَذَا.
ج - الْقَرِينَةُ:
4 - الْقَرِينَةُ فِي اللُّغَةِ: مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُقَارَنَةِ، وَهِيَ الْمُصَاحَبَةُ، يُقَال: فُلاَنٌ قَرِينٌ لِفُلاَنٍ أَيْ