النَّظَرِ وَتَعَارُضِ الأَْدِلَّةِ فِي حُكْمٍ، يُنْدَبُ لِلْقَاضِي أَنْ يُشَاوِرَ الْفُقَهَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ} (?) ، قَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَغْنِيًا عَنْهَا، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ تَصِيرَ سُنَّةً لِلْحُكَّامِ، وَرُوِيَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مُشَاوَرَةً لأَِصْحَابِهِ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) ، وَقَدْ شَاوَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ، وَشَاوَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي دِيَةِ الْجَنِينِ، وَشَاوَرَ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي حَدِّ الْخَمْرِ، وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَكُونُ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، إِذَا نَزَل بِهِ الأَْمْرُ شَاوَرَهُمْ فِيهِ، وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لاَ مُخَالِفَ فِي اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَعْلُومًا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ جَلِيٍّ لَمْ يَحْتَجِ الْقَاضِي إِلَى رَأْيِ غَيْرِهِ.
قَال الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِذَا أَشْكَل الْحُكْمُ فَالْمُشَاوَرَةُ وَاجِبَةٌ وَإِلاَّ فَمُسْتَحَبَّةٌ.
وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشَاوِرَهُمْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ بِمَهَابَةِ الْمَجْلِسِ وَالنَّاسُ