الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِئْجَارُ عَلَى الْقَضَاءِ، قَال عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لاَ يَنْبَغِي لِقَاضِي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ قُرْبَةٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي أَهْل الْقُرْبَةِ فَأَشْبَهَ الصَّلاَةَ، وَلأَِنَّهُ لاَ يَعْمَلُهُ الإِْنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ؛ وَلأَِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فَقَال لِلْخَصْمَيْنِ: لاَ أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلاَ لِي رِزْقًا عَلَيْهِ، جَازَ، وَيُحْتَمَل أَنْ لاَ يَجُوزَ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَالْمَذْهَبُ الأَْوَّل وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
وَفَصَّل الْمَاوَرْدِيُّ الْكَلاَمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا خُلاَصَتُهُ: إِنْ كَانَ الْقَاضِي فِي حَاجَةٍ إِلَى الرِّزْقِ وَعَمَلُهُ يَقْطَعُهُ عَنِ اكْتِسَابِ الْمَال فَيَجُوزُ لَهُ الأَْخْذُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْلِمَ الْخَصْمَيْنِ قَبْل التَّحَاكُمِ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا مَعًا، لاَ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَذَلِكَ بَعْدَ إِذْنِ الإِْمَامِ، وَأَنْ يَكُونَ مَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْخَصْمَيْنِ لاَ يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ، وَلاَ يَضُرُّ بِهِمَا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مَشْهُورًا يَتَسَاوَى فِيهِ جَمِيعُ الْخُصُومِ مَا لَمْ يَطُل زَمَنُ خُصُومَةِ الْخَصْمَيْنِ عَمَّا سِوَاهَا. (?)
60 - يَنْبَغِي لِلإِْمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَال الْقُضَاةِ،