لأَِنَّ تَوْلِيَتَهُ أَقْوَى؛ وَلأَِنَّ كُل حَاكِمٍ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلآْخَرِ الاِعْتِرَاضُ عَلَيْهِ، وَلاَ نَقْضُ حُكْمِهِ فِيمَا خَالَفَ اجْتِهَادَهُ. (?)
وَإِذَا تَنَازَعَ الْخَصْمَانِ فِي الرَّفْعِ لأَِحَدِ الْقُضَاةِ - فِي حَال تَعَدُّدِهِمْ - فَهَل الْقَوْل لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ لِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ أَقْوَالٌ تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (دَعْوَى ف 15 - 16) .
و تَعْيِينُ قَاضِي الْقُضَاةِ.
31 - نَشَأَتْ وَظِيفَةُ قَاضِي الْقُضَاةِ أَيَّامَ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، إِذْ عُيِّنَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ - صَاحِبُ الإِْمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - قَاضِيًا لِلْقُضَاةِ وَهُوَ أَوَّل مَنْ لُقِّبَ بِهَذَا اللَّقَبِ، فَكَانَ يُرَشِّحُ الْقُضَاةَ لِلتَّعْيِينِ فِي الْبِلاَدِ، وَيَقُومُ بِمُرَاقَبَةِ أَعْمَالِهِمْ حَتَّى لاَ يَتَجَاوَزُوا حُدُودَ عَمَلِهِمْ، وَلاَ يُخِلُّوا بِبَعْضِهِ، وَقَدْ كَانَ الإِْمَامُ - مِنْ قَبْل - هُوَ الَّذِي يُرَاعِي أَعْمَال الْقُضَاةِ، وَيَتَتَبَّعُ أَحْكَامَهُمْ حَتَّى تَجْرِيَ عَلَى السَّدَادِ، مِنْ غَيْرِ تَجَاوُزٍ وَلاَ تَقْصِيرٍ، وَكَانَ هَذَا الأَْمْرُ يَشُقُّ عَلَى الإِْمَامِ، فَمِنْ ثَمَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْدُبَ مَنْ يَقُومُ بِهَذَا الْعَمَل، لِيَكُونَ نَائِبًا عَنْهُ فِي مُرَاعَاةِ الْقُضَاةِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِقَاضِي الْقُضَاةِ أَنْ يَتَفَقَّدَ قُضَاتَهُ، وَنُوَّابَهُ،