يُقَلَّدَ الْجَاهِل بِالأَْحْكَامِ، لأَِنَّ الْجَاهِل قَدْ يَقْضِي بِالْبَاطِل مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُ. (?)
وَيَرَى فَرِيقٌ آخَرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ، وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَالْمَعْقُول، أَمَّا النَّصُّ: فَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَال لَهُ: كَيْفَ تَقْضِي؟ قَال: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَال: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَال: فَبِسُنَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، قَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) .
وَأَمَّا الْمَعْقُول: فَإِنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِالْقَضَاءِ بِالْحَقِّ، قَال تَعَالَى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} (?) ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ؛ لأَِنَّ الْحَوَادِثَ مَمْدُودَةٌ، وَالنُّصُوصَ مَعْدُودَةٌ، فَلاَ يَجِدُ الْقَاضِي فِي كُل حَادِثَةٍ نَصًّا يَفْصِل بِهِ الْخُصُومَةَ، فَيَحْتَاجُ إِلَى اسْتِنْبَاطِ الْمَعْنَى مِنَ النُّصُوصِ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالاِجْتِهَادِ (?) .