إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ. ثُمَّ قَال: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِل عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ. (?)
قَال النَّوَوِيُّ: فَلَوْ جَازَتِ التَّرْجَمَةُ لأََنْكَرَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتِرَاضَهُ فِي شَيْءٍ جَائِزٍ.
وَلأَِنَّ تَرْجَمَةَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ قُرْآنًا؛ لأَِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ هَذَا النَّظْمُ الْمُعْجِزُ، وَبِالتَّرْجَمَةِ يَزُول الإِْعْجَازُ فَلَمْ تَجُزْ، وَكَمَا أَنَّ الشِّعْرَ يُخْرِجُهُ تَرْجَمَتُهُ عَنْ كَوْنِهِ شِعْرًا فَكَذَا الْقُرْآنُ إِضَافَةً إِلَى أَنَّ الصَّلاَةَ مَبْنَاهَا عَلَى التَّعَبُّدِ وَالاِتِّبَاعِ وَالنَّهْيِ عَنِ الاِخْتِرَاعِ، وَطَرِيقُ الْقِيَاسِ مَفْسَدَةٌ فِيهَا (?) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الصَّلاَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَبِأَيِّ لِسَانٍ آخَرَ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَْوَّلِينَ} (?) ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بِهَذَا النَّظْمِ، وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُْولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ