إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ أَوْ دَارَهُ، فَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَنَافِعَهَا، وَلاَ يَمْلِكُ مِنْ رَقَبَتِهَا شَيْئًا، لأَِنَّ الْوَاقِفَ أَخْرَجَهَا مِنْ مِلْكِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل، فَكَانَ ذَلِكَ شَبِيهًا بِمَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْعِتْقِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَل، فَكَمَا أَنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُ بِالْقَوْل وَلاَ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَبْضِ مَعَ الْقَوْل (?) ، فَكَذَلِكَ الْوَقْفُ لاَ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَبْضِ مَعَ الْقَوْل، وَلأَِنَّنَا لَوْ أَوْجَبْنَا الْقَبْضَ فِيهِ، فَإِنَّ الْقَابِضَ يَقْبِضُ مَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْوَقْفِ، فَيَكُونُ قَبْضُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً (?) .
(وَالثَّانِي) لاِبْنِ أَبِي لَيْلَى وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: وَهُوَ أَنَّ الْوَقْفَ لاَ يَلْزَمُ إلاَّ بِقَبْضِهِ وَإِخْرَاجِ الْوَاقِفِ لَهُ عَنْ يَدِهِ، وَيَكُونُ الْقَبْضُ بِأَنْ يَجْعَل لَهُ قَيِّمًا وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ، وَفِي الْمَسْجِدِ بِأَنْ يُخَلِّيَهُ وَيُصَلِّيَ النَّاسُ فِيهِ، وَفِي الْمَقْبَرَةِ بِدَفْنِ شَخْصٍ وَاحِدٍ فِيهَا فَمَا فَوْقَ (?) ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَقْفَ تَصَدُّقٌ بِالْمَنَافِعِ، وَالْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ لاَ تَلْزَمُ إلاَّ بِالْقَبْضِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْقَبْضُ لِلُزُومِهِ.
(وَالثَّالِثُ) لِلْمَالِكِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ