قَال لَهُ وَقْتَ التَّوْكِيل بِالْقَبْضِ: اصْنَعْ مَا شِئْت، أَوْ مَا صَنَعْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيَّ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا كَانَتِ الْوَكَالَةُ خَاصَّةً، بِأَنْ لَمْ يَقُل ذَلِكَ عِنْدَ التَّوْكِيل بِالْقَبْضِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيل أَنْ يُوَكِّل غَيْرَهُ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ فَعَل فَلاَ تَكُونُ لِمَنْ وَكَّلَهُ هَذِهِ الْوِلاَيَةُ، لأَِنَّ الْوَكِيل إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِحُدُودِ تَفْوِيضِ الْمُوَكِّل، فَيَمْلِكُ قَدْرَ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ لاَ أَكْثَر (?) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَصِحُّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ لِلْمُوَكِّل، وَلاَ يَصِحُّ قَبْضُهُ لِنَفْسِهِ، لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلاً لِغَيْرِهِ فِي قَبْضِ حَقِّ نَفْسِهِ (?) .
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَدِينَ بِطَعَامٍ إذَا دَفَعَ لِلدَّائِنِ دَرَاهِمَ وَقَال لَهُ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ مِثْل الطَّعَامِ الَّذِي لَك عَلَيَّ، وَاقْبِضْهُ لِي، ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك، فَفَعَل، صَحَّ الْقَبْضُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، لأَِنَّهُ وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ، ثُمَّ الاِسْتِيفَاءِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ وَدِيعَةٌ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ عِنْدَ الدَّائِنِ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا عَنْ دَيْنِهِ (?)
وَفِي هَذَا الْمَقَامِ تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ لأَِحْكَامِ