كَانَ لِرَجُلٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ دَنَانِيرُ، وَلِلآْخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ، فَاصْطَرَفَا بِمَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ الصَّرْفُ، وَيَسْقُطُ الدَّيْنَانِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى التَّقَابُضِ الْحَقِيقِيِّ - مَعَ أَنَّ التَّقَابُضَ فِي الصَّرْفِ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ - وَذَلِكَ لِوُجُودِ التَّقَابُضِ الْحُكْمِيِّ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ التَّقَابُضِ الْحِسِّيِّ، قَالُوا: لأَِنَّ الذِّمَّةَ الْحَاضِرَةَ كَالْعَيْنِ الْحَاضِرَةِ، غَيْرَ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ قَدْ حَلاَّ مَعًا، فَأَقَامُوا حُلُول الأَْجَلَيْنِ فِي ذَلِكَ مُقَامَ النَّاجِزِ بِالنَّاجِزِ، أَيِ الْيَدِ بِالْيَدِ (?) .

قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا اشْتَرَى مَا فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ مَقْبُوضٌ لَهُ بِمَا فِي ذِمَّةِ الآْخَرِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَ الآْخَرِ وَدِيعَةٌ فَاشْتَرَاهَا بِوَدِيعَتِهِ عِنْدَ الآْخَرِ.

وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَنَصُّوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ إذَا لَمْ يُحْضِرْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا النَّقْدَ الْوَارِدَ عَلَيْهِ عَقْدُ الصَّرْفِ، لأَِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015