عِنَايَتَهُمْ بِأَقْوَالِهِ، فَتَكَلَّمُوا فِي دَلاَلَتِهَا عَلَى الأَْحْكَامِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي التَّأَسِّي بِأَفْعَالِهِ، وَتَخْصِيصِ الْعَامِّ، وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ، وَبَيَانِ الْمُجْمَل، وَالنَّسْخِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَأَفْعَال الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
أَوَّلاً: جِبِلِّيٌّ، كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَاللُّبْسِ، وَمَا شَاكَل ذَلِكَ.
ثَانِيًا: قُرَبٌ، كَالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ.
ثَالِثًا: مُعَامَلاَتٌ، كَالْبَيْعِ وَالزَّوَاجِ.
فَالأَْفْعَال الْجِبِلِّيَّةُ لاَ يَقْتَضِي فِعْلُهُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْ إِبَاحَتِهَا اتِّفَاقًا.
أَمَّا غَيْرُهَا، فَإِنْ ثَبَتَتْ خُصُوصِيَّتُهُ بِهَا بِدَلِيلٍ، كَانَتْ خَاصَّةً بِهِ، وَلَيْسَتْ أُمَّتُهُ مِثْلَهُ فِيهَا، كَمُوَاصَلَةِ الصَّوْمِ، وَالزَّوَاجِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ.
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُهُ مُخْتَصَّةً بِهِ، فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا بَيَانٌ لِمُجْمَلٍ، أَوْ تَقْيِيدٌ لِمُطْلَقٍ، أَوْ تَخْصِيصٌ لِعَامٍّ، كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَهُ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنْ عُرِفَتْ صِفَتُهُ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ أَوْ إِبَاحَةٍ، فَإِنَّ أُمَّتَهُ فِي ذَلِكَ مِثْلُهُ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَرْجِعُونَ إِلَى فِعْلِهِ احْتِجَاجًا وَاقْتِدَاءً، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: