وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ شَرْطَ التَّحْرِيمِ بِالرَّضَاعِ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، رُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ شُبْرُمَةَ وَالأَْوْزَاعِيُّ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ أَثَرَ لِلْفِطَامِ فِي ذَلِكَ، فَالاِعْتِبَارُ بِالْعَامَيْنِ لاَ بِالْفِطَامِ، فَلَوْ فُطِمَ قَبْل الْحَوْلَيْنِ ثُمَّ ارْتَضَعَ فِيهِمَا لَحَصَل التَّحْرِيمُ، وَلَوْ لَمْ يُفْطَمْ حَتَّى تَجَاوَزَ الْحَوْلَيْنِ ثُمَّ ارْتَضَعَ بَعْدَهُمَا قَبْل الْفِطَامِ لَمْ يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (?) قَالُوا: جَعَل اللَّهُ الْحَوْلَيْنِ الْكَامِلَيْنِ تَمَامَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، وَلَيْسَ وَرَاءَ التَّمَامِ حُكْمٌ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} . (?) وَأَقَل مُدَّةِ الْحَمْل سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَبَقِيَ مُدَّةُ الْفِصَال حَوْلَيْنِ، وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ رَضَاعَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ (?) وَالْفِطَامُ مُعْتَبَرٌ بِمُدَّتِهِ لاَ بِنَفْسِهِ