الْمُجْتَهِدَ الَّذِي يَسْتَنْبِطُ حُكْمًا فَهُوَ عِنْدَهُ حُكْمٌ دَائِمٌ.
وَفِي وَجْهٍ آخَرَ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ لأَِنَّهُ لَوْ عَاشَ فَإِنَّهُ كَانَ يُجَدِّدُ النَّظَرَ عِنْدَ النَّازِلَةِ إِمَّا وُجُوبًا أَوِ اسْتِحْبَابًا، وَلَعَلَّهُ لَوْ جَدَّدَ النَّظَرَ لَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الأَْوَّل. (?)
17 - وَمَا رَجَعَ عَنْهُ الْمُجْتَهِدُ مِنْ أَقْوَالِهِ فَلاَ يَجُوزُ لِلْمُقَلِّدِ الإِْفْتَاءُ بِهِ، لأَِنَّهُ بِرُجُوعِهِ عَنْهُ لَمْ يُعَدَّ قَوْلاً لَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يُرَجِّحْهُ أَهْل التَّرْجِيحِ، وَمِنْ هُنَا تُرِكَ الْقَدِيمُ مِنْ أَقْوَال الشَّافِعِيِّ الَّتِي خَالَفَهَا فِي الْجَدِيدِ، إِلاَّ مَسَائِل مَعْدُودَةً يُعْمَل فِيهَا بِالْقَدِيمِ رَجَّحَهَا أَهْل التَّرْجِيحِ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، قَال الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ فِي حِلٍّ مَنْ رَوَى عَنِّي الْقَدِيمَ. (?)
18 - و - جَوْدَةُ الْقَرِيحَةِ: وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَثِيرَ الإِْصَابَةِ، صَحِيحَ الاِسْتِنْبَاطِ، فَلاَ تَصْلُحُ فُتْيَا الْغَبِيِّ، وَلاَ مَنْ كَثُرَ غَلَطُهُ، بَل يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِطَبْعِهِ شَدِيدَ الْفَهْمِ لِمَقَاصِدِ الْكَلاَمِ وَدَلاَلَةِ الْقَرَائِنِ، صَادِقَ الْحُكْمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلاَمِ الشَّافِعِيِّ: أَنْ تَكُونَ لَهُ قَرِيحَةٌ، قَال النَّوَوِيُّ: شَرْطُ الْمُفْتِي كَوْنُهُ فَقِيهَ النَّفْسِ، سَلِيمَ الذِّهْنِ، رَصِينَ الْفِكْرِ، صَحِيحَ النَّظَرِ وَالاِسْتِنْبَاطِ. اهـ. (?)