بِالْفِعْل، أَوْ بِالْقُوَّةِ الْقَرِيبَةِ مِنَ الْفِعْل، وَإِلاَّ لَمْ يَلْزَمْ تَكْلِيفُهُ بِالْجَوَابِ، لِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ فِي تَحْصِيلِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنْ وُجُوبِ الْجَوَابِ مَانِعٌ، كَأَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ عَنْ أَمْرٍ غَيْرِ وَاقِعٍ، أَوْ عَنْ أَمْرٍ لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلسَّائِل، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (?) .
6 - تَتَبَيَّنُ مَنْزِلَةُ الْفَتْوَى فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ، مِنْهَا:
أ - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَفْتَى عِبَادَهُ، وَقَال {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} (?) ، وَقَال: {يَسْتَفْتُونَكَ قُل اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} . (?)
ب - أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَوَلَّى هَذَا الْمَنْصِبَ فِي حَيَاتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ مُقْتَضَى رِسَالَتِهِ، وَقَدْ كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ حَيْثُ قَال: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّل إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (?) . فَالْمُفْتِي خَلِيفَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَدَاءِ وَظِيفَةِ الْبَيَانِ، وَقَدْ تَوَلَّى هَذِهِ الْخِلاَفَةَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابُهُ الْكِرَامُ، ثُمَّ أَهْل الْعِلْمِ بَعْدَهُمْ.