وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَقْدِيرِ الْغِنَى الَّذِي يُوجِبُ التَّحَمُّل:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ التَّحْدِيدِ، وَإِنَّمَا قَالُوا: يَضْرِبُ عَلَى كُل شَخْصٍ مِنَ الْعَاقِلَةِ بِحَسَبِ غِنَاهُ، بِحَيْثُ لاَ يُجْحِفُ بِمَالِهِ، فَلاَ يُسَاوِي مَا يُجْعَل عَلَى قَلِيل الْمَال مَا يُجْعَل عَلَى كَثِيرِهِ. وَذَلِكَ عَلَى قَدْرِ طَاقَةِ النَّاسِ فِي يُسْرِهِمْ، وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا.
وَحَدَّدَ الشَّافِعِيَّةُ الْغَنِيَّ الَّذِي يَتَحَمَّل فِي الدِّيَةِ بِأَنَّهُ مَنْ يَمْلِكُ آخِرَ السَّنَةِ فَاضِلاً عَنْ حَاجَتِهِ عِشْرِينَ دِينَارًا ذَهَبًا أَوْ قَدْرَهَا، اعْتِبَارًا بِالزَّكَاةِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَتَحَمَّل الدِّيَةَ فَقِيرٌ، وَهُوَ مَنْ لاَ يَمْلِكُ نِصَابًا عِنْدَ حُلُول الْحَوْل فَاضِلاً عَنْهُ (?) .
19 - تَبَرُّعُ الْغَنِيِّ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ مُسْتَحَبٌّ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَنْ طَرِيقِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ، أَمِ الْوَصِيَّةِ، أَمِ الْوَقْفِ، أَمْ مَا شَابَهَ ذَلِكَ.
إِلاَّ أَنَّ التَّبَرُّعَ قَدْ يَجِبُ عَلَى الأَْغْنِيَاءِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ لِدَفْعِ حَاجَةِ الْمُضْطَرِّينَ. فَقَدْ