اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْعِقَادِهِ. فَقَال الْحَنَفِيَّةُ (?) وَالْمَالِكِيَّةُ (?) وَالْحَنَابِلَةُ (?) : إِنَّهُ يَنْعَقِدُ، وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ الَّتِي عَلَّقَ الظِّهَارَ مِنْهَا عَلَى الزَّوَاجِ بِهَا كَانَ مُظَاهِرًا، فَلاَ تَحِل لَهُ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَال فِي رَجُلٍ قَال: إِنْ تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ فَهِيَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَتَزَوَّجَهَا، قَال: " عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ (?) وَلأَِنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَالْمَرْأَةُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ زَوْجَةٌ، فَتَكُونُ مَحَلًّا لِلظِّهَارِ كَمَا تَكُونُ مَحَلًّا لِلطَّلاَقِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ (?) : الظِّهَارُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الزَّوَاجِ لاَ يَنْعَقِدُ، وَتَأْسِيسًا عَلَى هَذَا: لَوْ تَزَوَّجَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ الَّتِي عَلَّقَ الظِّهَارَ مِنْهَا عَلَى الزَّوَاجِ بِهَا لاَ يَكُونُ مُظَاهِرًا، فَيَحِل لَهُ قُرْبَانُهَا، وَلاَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ:
أَوَّلاً - قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} فَهُوَ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا جَعَل الظِّهَارَ مِنْ نِسَاءِ الرَّجُل، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي يُعَلِّقُ الظِّهَارَ مِنْهَا عَلَى الزَّوَاجِ بِهَا لاَ تُعْتَبَرُ مِنْ نِسَاءِ الرَّجُل عِنْدَ إِنْشَاءِ الظِّهَارِ، فَلاَ يَكُونُ الظِّهَارُ مِنْهَا صَحِيحًا.