فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ تَحْصِيل الْحُقُوقِ بِغَيْرِ دَعْوَى وَلاَ حُكْمٍ فِي حَالاَتٍ مُعَيَّنَةٍ وَبِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمُ اشْتِرَاطُ إِذْنِ الْحَاكِمِ فِي كُل مَرَّةٍ يُرِيدُ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَهُمْ عَلَى هَذَا الأَْصْل اسْتِثْنَاءَاتٌ. وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ:
11 - ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ، وَلَمْ يُوفِهِ إِيَّاهُ بِرِضَاهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ دَيْنِهِ مِنْ مَال الْغَرِيمِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَال مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَنْ يَكُونَ بِنَفْسِ صِفَتِهِ، وَلاَ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ دَرَاهِمِ غَرِيمِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ إِنْ كَانَ حَقُّهُ دَنَانِيرَ، وَلاَ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ غَرِيمِهِ، وَلاَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَةً مِنْ مَنَافِعِهِ مُقَابِل تِلْكَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي لَهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّحِيحَ مُقَابِل الْمُنْكَسِرِ، بَل يَأْخُذُ مِثْل مَالِهِ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ أَيْضًا (?) .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ رَأَى جَوَازَ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ اسْتِحْسَانًا.