حُرْمَةَ نَفْسِهِ عَلَيْهِ فَوْقَ حُرْمَةِ نَفْسٍ أُخْرَى (?) ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ قَتَل نَفْسَهُ كَانَ إِثْمُهُ أَكْثَرَ مِمَّنْ قَتَل غَيْرَهُ (?) ، وَمِنْ هُنَا قَرَّرَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمَرْءَ يُكَلَّفُ بِالإِْنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ أَوَّلاً، ثُمَّ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي النَّفَقَاتِ (ر: نَفَقَة) ، وَكَمَنْ اضْطُرَّ إِلَى طَعَامِ غَيْرِهِ اسْتِحْيَاءً لِنَفْسِهِ، وَصَاحِبُ الطَّعَامِ مُضْطَرٌّ لِطَعَامِهِ اسْتِحْيَاءً لِنَفْسِهِ أَيْضًا، فَصَاحِبُ الطَّعَامِ أَوْلَى بِهِ مِنْ غَيْرِهِ (?) .
6 - يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْتَحْيِي لِغَيْرِهِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الاِسْتِحْيَاءُ مَا يَلِي:
1 - أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحْيِي مُكَلَّفًا عَالِمًا بِحَاجَةِ الْمُسْتَحْيَا إِلَى الاِسْتِحْيَاءِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَثْبُتُ الْوُجُوبُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ.
2 - أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الاِسْتِحْيَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لاَ يُكَلَّفُ بِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} (?) ، قَال فِي الْمُغْنِي: " كُل مَنْ رَأَى إِنْسَانًا فِي مُهْلِكَةٍ فَلَمْ يُنَجِّهِ مِنْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهُ وَقَدْ أَسَاءَ " وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَضْمَنُهُ لأَِنَّهُ لَمْ يُنَجِّهِ مِنَ الْهَلاَكِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ مَنَعَهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (?) ، فَالْخِلاَفُ وَاقِعٌ فِي الضَّمَانِ، لاَ فِي الاِسْتِحْيَاءِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْجِنَايَاتِ (ر: جِنَايَة) .
فَإِذَا تَحَقَّقَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي مَجْمُوعَةٍ مِنَ النَّاسِ