الإِْصْلاَحُ، فَقَدْ شُرِعَ بَعْثُ حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا لِلْعَمَل عَلَى الإِْصْلاَحِ بَيْنَهُمَا وَإِزَالَةِ أَسْبَابِ النِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ، بِالْوَعْظِ وَمَا إِلَيْهِ، قَال تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (?) وَمُهِمَّةُ الْحَكَمَيْنِ هُنَا الإِْصْلاَحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِحِكْمَةٍ وَرَوِيَّةٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُهِمَّةِ الْحَكَمَيْنِ، وَفِي شُرُوطِهِمَا، وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ التَّالِي:
أ - مُهِمَّةُ الْحَكَمَيْنِ:
74 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مُهِمَّةَ الْحَكَمَيْنِ الإِْصْلاَحُ لاَ غَيْرُ، فَإِذَا نَجَحَا فِيهِ فَبِهَا، وَإِلاَّ تَرَكَا الزَّوْجَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا لِيَتَغَلَّبَا عَلَى نِزَاعِهِمَا بِنَفْسَيْهِمَا، إِمَّا بِالْمُصَالَحَةِ، أَوْ بِالصَّبْرِ، أَوْ بِالطَّلاَقِ، أَوْ بِالْمُخَالَعَةِ، وَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلاَّ أَنْ يُفَوِّضَ الزَّوْجَانِ إِلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَإِنْ فَوَّضَاهُمَا بِالتَّفْرِيقِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ التَّوْفِيقِ، كَانَا وَكِيلَيْنِ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ، وَجَازَ لَهُمَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ. (?)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ وَاجِبَ الْحَكَمَيْنِ الإِْصْلاَحُ أَوَّلاً، فَإِنْ عَجَزَا عَنْهُ لِتَحَكُّمِ