كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكِنَائِيَّ فِي الطَّلاَقِ هُوَ: مَا لَمْ يُوضَعِ اللَّفْظُ لَهُ، وَاحْتَمَلَهُ وَغَيْرُهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْتَمِلْهُ أَصْلاً لَمْ يَكُنْ كِنَايَةً، وَكَانَ لَغْوًا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ (?) . وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ بِالنِّيَّةِ الْمُنَاقَضَةِ قَضَاءً فَقَطْ، وَعَلَى ذَلِكَ فَلَوْ أَطْلَقَ اللَّفْظَ الصَّرِيحَ، وَقَال: لَمْ أَنْوِ بِهِ شَيْئًا وَقَعَ بِهِ الطَّلاَقُ، وَلَوْ قَال: نَوَيْتُ غَيْرَ الطَّلاَقِ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَصُدِّقَ دِيَانَةً، هَذَا مَا لَمْ يَحُفَّ بِاللَّفْظِ مِنْ قَرَائِنِ الْحَال مَا يَدُل عَلَى صِدْقِ نِيَّتِهِ فِي إِرَادَةِ غَيْرِ الطَّلاَقِ، فَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُل عَلَى عَدَمِ قَصْدِهِ الطَّلاَقَ صُدِّقَ قَضَاءً أَيْضًا، وَلَمْ يَقَعْ بِهِ عَلَيْهِ طَلاَقٌ، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلاَقِ فَطَلَّقَ صَرِيحًا غَيْرَ نَاوٍ بِهِ الطَّلاَقَ، فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ دِيَانَةً وَلاَ قَضَاءً لِقَرِينَةِ الإِْكْرَاهِ (?) . وَهَذَا لَدَى الْجُمْهُورِ، وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ وَقَالُوا بِوُقُوعِ الطَّلاَقِ مِنَ الْمُكْرَهِ كَمَا تَقَدَّمَ. أَمَّا الْكِنَائِيُّ فَلاَ يَقَعُ بِهِ الطَّلاَقُ إِلاَّ مَعَ النِّيَّةِ، ذَلِكَ أَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِل الطَّلاَقَ وَغَيْرَهُ، فَلاَ يُصْرَفُ إِلَى الطَّلاَقِ إِلاَّ بِالنِّيَّةِ، وَأَمَّا وُقُوعُهُ بِالنِّيَّةِ فَلأَِنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ، فَيُصْرَفُ إِلَيْهِ بِهَا. وَقَدْ أَلْحَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةَ