عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، خِلاَفًا لِمَا فُهِمَ مِنْ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ، وَذُكِرَ فِي نَيْل الْمَآرِبِ أَنَّ لَفْظَ: سَرَاحٍ مِنَ الْكِنَايَاتِ فَيَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ (?) . وَهَل تَقُومُ قَرَائِنُ الأَْحْوَال وَالْعُرْفِ مَقَامَ النِّيَّةِ فِي الْكِنَايَاتِ؟ .
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى ذَلِكَ، وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَقَالُوا: لاَ عِبْرَةَ. بِالْعُرْفِ وَقَرَائِنِ الْحَال، وَعَلَى ذَلِكَ إِذَا قَال الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ طَلاَقَهَا طَلُقَتْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لِلنِّيَّةِ، وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَكُونُ ظِهَارًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلاَقَ لَمْ تَطْلُقْ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَتَطْلُقُ عِنْدَ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، وَفِي الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَطْلُقُ ثَلاَثًا فِي الْمَدْخُول بِهَا، وَيُنَوَّى (أَيْ يُسْأَل عَنْ نِيَّتِهِ) فِي غَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا. وَهَل يَقَعُ الطَّلاَقُ بِلَفْظٍ لاَ يَحْتَمِلُهُ أَصْلاً كَقَوْلِهِ لَهَا: اسْقِنِي مَاءً؟ إِنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ الطَّلاَقَ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ بِالإِْجْمَاعِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ الطَّلاَقَ وَقَعَ الطَّلاَقُ بِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلاَ يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلْمَالِكِيَّةِ (?) .