طَلاَقُ الْغَضْبَانِ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَحْصُل لَهُ مَبَادِئُ الْغَضَبِ بِحَيْثُ لاَ يَتَغَيَّرُ عَقْلُهُ، وَيَعْلَمُ مَا يَقُول وَيَقْصِدُهُ، وَهَذَا لاَ إِشْكَال فِيهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَبْلُغَ النِّهَايَةَ، فَلاَ يَعْلَمُ مَا يَقُول وَلاَ يُرِيدُهُ، فَهَذَا لاَ رَيْبَ أَنَّهُ لاَ يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ أَقْوَالِهِ.
الثَّالِثُ: مَنْ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ بِحَيْثُ لَمْ يَصِرْ كَالْمَجْنُونِ، فَهَذَا مَحَل النَّظَرِ وَالأَْدِلَّةُ تَدُل عَلَى عَدَمِ نُفُوذِ أَقْوَالِهِ.
ثُمَّ قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَدْهُوشِ وَالْغَضْبَانِ لاَ يَلْزَمُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لاَ يَعْلَمُ مَا يَقُول، بَل يُكْتَفَى فِيهِ بِغَلَبَةِ الْهَذَيَانِ وَاخْتِلاَطِ الْجِدِّ بِالْهَزْل كَمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي السَّكْرَانِ. . ثُمَّ قَال: فَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيل عَلَيْهِ فِي الْمَدْهُوشِ وَنَحْوِهِ: إِنَاطَةُ الْحُكْمِ بِغَلَبَةِ الْخَلَل فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ الْخَارِجَةِ عَنْ عَادَتِهِ، فَمَا دَامَ فِي حَال غَلَبَةِ الْخَلَل فِي الأَْقْوَال وَالأَْفْعَال لاَ تُعْتَبَرُ أَقْوَالُهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُهَا وَيُرِيدُهَا، لأَِنَّ هَذِهِ الْمَعْرِفَةَ وَالإِْرَادَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِعَدَمِ حُصُولِهَا عَنْ إِدْرَاكٍ صَحِيحٍ كَمَا لاَ تُعْتَبَرُ مِنَ الصَّبِيِّ الْعَاقِل (?) .