ذَلِكَ انْصِرَافَ الْقَلْبِ وَتَغَيُّرَهُ، فَيُبْدَأُ بِنُصْحِ الزَّوْجَيْنِ وَإِرْشَادِهِمَا إِلَى الصَّبْرِ وَالاِحْتِمَال، وَبِخَاصَّةٍ إِذَا كَانَ التَّقْصِيرُ مِنَ الزَّوْجَةِ، قَال تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَل اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (?) .
إِلاَّ أَنَّ مِثْل هَذَا الصَّبْرِ قَدْ لاَ يَتَيَسَّرُ لِلزَّوْجَيْنِ أَوْ لاَ يَسْتَطِيعَانِهِ، فَرُبَّمَا كَانَتْ أَسْبَابُ الشِّقَاقِ فَوْقَ الاِحْتِمَال، أَوْ كَانَا فِي حَالَةٍ نَفْسِيَّةٍ لاَ تُسَاعِدُهُمَا عَلَى الصَّبْرِ، وَفِي هَذِهِ الْحَال: إِمَّا أَنْ يَأْمُرَ الشَّرْعُ بِالإِْبْقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الشِّقَاقِ الَّذِي قَدْ يَتَضَاعَفُ وَيُنْتَجُ عَنْهُ فِتْنَةٌ، أَوْ جَرِيمَةٌ، أَوْ تَقْصِيرٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ عَلَى الأَْقَل تَفْوِيتُ الْحِكْمَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَ النِّكَاحُ، وَهِيَ الْمَوَدَّةُ وَالأُْلْفَةُ وَالنَّسْل الصَّالِحُ، وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنَ بِالطَّلاَقِ وَالْفِرَاقِ، وَهُوَ مَا اتَّجَهَ إِلَيْهِ التَّشْرِيعُ الإِْسْلاَمِيُّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الطَّلاَقَ قَدْ يَتَمَحَّضُ طَرِيقًا لإِِنْهَاءِ الشِّقَاقِ وَالْخِلاَفِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ؛ لِيَسْتَأْنِفَ الزَّوْجَانِ بَعْدَهُ حَيَاتَهُمَا مُنْفَرِدَيْنِ أَوْ مُرْتَبِطَيْنِ بِرَوَابِطَ زَوْجِيَّةٍ أُخْرَى، حَيْثُ يَجِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ يَأْلَفُهُ وَيَحْتَمِلُهُ، قَال تَعَالَى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ