يُمْكِنُ تَصَوُّرُهَا عَلَى قَوْل الصَّاحِبَيْنِ، إِذْ أَنَّهُمَا قَالاَ بِالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ بِشُرُوطِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَنَفِيَّةُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالذَّاتِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِهِمَا فِيمَا اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ.
22 - يُفَرِّقُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ إِقْرَارٍ، أَوْ عَنْ إِنْكَارٍ، أَوْ سُكُوتٍ. فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ عِنْدَهُمْ، بِالنِّسْبَةِ لِطَرَفَيِ الصُّلْحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الاِسْتِحْقَاقِ فِي الْمَبِيعِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ أَوْ سُكُوتٍ، فَهُوَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتِدَاءٌ لِلْيَمِينِ وَقَطْعٌ لِلْخُصُومَةِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا اسْتَحَقَّ بَدَل الصُّلْحِ كُلَّهُ يَبْطُل الصُّلْحُ، وَيَعُودُ الْمُدَّعِي إِلَى الْخُصُومَةِ، وَإِذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ عَادَ الْمُدَّعِي لِلْخُصُومَةِ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ.
أَمَّا إِذَا اسْتَحَقَّ مَحَل النِّزَاعِ (الْمُصَالَحَ عِنْدَهُ) فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِكُل الْبَدَل أَوْ بَعْضِهِ؛ لأَِنَّ الْمُدَّعِيَ إِنَّمَا أَخَذَ الْبَدَل بِدُونِ وَجْهِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِهِ اسْتِرْدَادُهُ (?) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِقْرَارٍ فَاسْتَحَقَّ بَدَل الصُّلْحِ رَجَعَ الْمُدَّعِي بِالْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ إِنْ كَانَتْ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ رَجَعَ بِعِوَضِهَا - وَهُوَ الْقِيمَةُ - إِنْ كَانَتْ قِيَمِيَّةً، وَالْمِثْل إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً. . . فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إِنْكَارٍ وَاسْتَحَقَّ بَدَل الصُّلْحِ رَجَعَ