ج - الاِحْتِجَاجُ بِالضَّرُورِيَّاتِ:
7 - الضَّرُورِيَّاتُ أَقْوَى مَرَاتِبِ الْمَصْلَحَةِ، وَفِي الاِحْتِجَاجِ بِهَا خِلاَفٌ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ.
فَقَال الْغَزَالِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهَا اجْتِهَادُ مُجْتَهِدٍ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهَا أَصْلٌ مُعَيَّنٌ، وَمِثَال ذَلِكَ: أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا تَتَرَّسُوا بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ كَفَفْنَا عَنْهُمْ لَصَدَمُونَا، وَغَلَبُوا عَلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَقَتَلُوا كَافَّةَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ رَمَيْنَا التُّرْسَ لَقَتَلْنَا مُسْلِمًا مَعْصُومًا لَمْ يُذْنِبْ ذَنْبًا، وَهَذَا لاَ عَهْدَ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَلَوْ كَفَفْنَا لَسَلَّطْنَا الْكُفَّارَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُونَهُمْ ثُمَّ يَقْتُلُونَ الأَْسَارَى أَيْضًا.
لَكِنْ الْغَزَالِيُّ إِنَّمَا يَعْتَبِرُهَا بِشُرُوطٍ ثَلاَثَةٍ قَال: وَانْقَدَحَ اعْتِبَارُهَا بِاعْتِبَارِ ثَلاَثَةِ أَوْصَافٍ: أَنْ تَكُونَ ضَرُورِيَّةً قَطْعِيَّةً كُلِّيَّةً (?) .
وَهِيَ حُجَّةٌ عِنْدَ الإِْمَامِ مَالِكٍ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا بَعَثَ الرُّسُل لِتَحْصِيل مَصَالِحِ الْعِبَادِ عَمَلاً بِالاِسْتِقْرَاءِ، فَمَهْمَا وَجَدْنَا مَصْلَحَةً غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ لِلشَّرْعِ (?) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ: فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.