ثُمَّ إِنَّ شِدَّةَ الْمَرَضِ تُجِيزُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ.

أَمَّا الصَّحِيحُ إِذَا خَافَ الشِّدَّةَ أَوِ التَّعَبَ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، إِذَا حَصَل لَهُ بِالصَّوْمِ مُجَرَّدُ شِدَّةِ تَعَبٍ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَإِنْ قِيل بِجَوَازِ فِطْرِهِ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا خَافَ الصَّحِيحُ الْمَرَضَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَلَهُ الْفِطْرُ، فَإِنْ خَافَهُ بِمُجَرَّدِ الْوَهْمِ، فَلَيْسَ لَهُ الْفِطْرُ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا خَافَ حُصُول أَصْل الْمَرَضِ بِصَوْمِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ - عَلَى الْمَشْهُورِ - إِذْ لَعَلَّهُ لاَ يَنْزِل بِهِ الْمَرَضُ إِذَا صَامَ. وَقِيل: يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ.

فَإِنْ خَافَ كُلٌّ مِنَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ الْهَلاَكَ عَلَى نَفْسِهِ بِصَوْمِهِ، وَجَبَ الْفِطْرُ.

وَكَذَا لَوْ خَافَ أَذًى شَدِيدًا، كَتَعْطِيل مَنْفَعَةٍ، مِنْ سَمْعٍ أَوْ بَصَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، لأَِنَّ حِفْظَ النَّفْسِ وَالْمَنَافِعِ وَاجِبٌ، وَهَذَا بِخِلاَفِ الْجَهْدِ الشَّدِيدِ، فَإِنَّهُ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ، قِيل: وَالصَّحِيحِ أَيْضًا (?) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ الْمَرِيضَ - وَإِنْ تَعَدَّى بِفِعْل مَا أَمْرَضَهُ - يُبَاحُ لَهُ تَرْكُ الصَّوْمِ، إِذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا، لَكِنَّهُمْ شَرَطُوا لِجَوَازِ فِطْرِهِ نِيَّةَ التَّرَخُّصِ - كَمَا قَال الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَهُ - وَفَرَّقُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015