حَقٌّ ثَابِتٌ فِي الْمَحَل، وَيَجْرِي فِيهِ الْعَفْوُ مَجَّانًا، فَكَذَا تَعْوِيضًا لاِشْتِمَالِهِ عَلَى الأَْوْصَافِ الْجَمِيلَةِ مِنْ إِحْسَانِ الْوَلِيِّ، وَإِحْيَاءِ الْقَاتِل. . . وَالْكَثِيرُ وَالْقَلِيل سَوَاءٌ فِي الصُّلْحِ عَنِ الْقِصَاصِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، فَيُفَوَّضُ إِلَى اصْطِلاَحِهِمَا، كَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ. (?)
أَمَّا إِذَا صَالَحَ عَنْ قَتْل الْخَطَأِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَجُزْ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِغَيْرِهِ، فَصَالَحَ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ جِنْسِهَا لَمْ يَجُزْ أَيْضًا، وَذَلِكَ لأَِنَّ الدِّيَةَ وَالْقِيمَةَ ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ مُقَدَّرَةً، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِأَكْثَرَ مِنْ جِنْسِهَا الثَّابِتَةِ عَنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا أَخَذَ أَكْثَرَ مِنْهَا فَقَدْ أَخَذَ حَقَّهُ وَزِيَادَةً لاَ مُقَابِل لَهَا، فَيَكُونُ أَكْل مَالٍ بِالْبَاطِل. (?)
فَأَمَّا إِذَا صَالَحَهُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، فَيَجُوزُ؛ لأَِنَّهُ بَيْعٌ، وَيَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّيْءَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَل؛ وَلأَِنَّهُ لاَ رِبَا بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ عَنْهُ فَصَحَّ. (?)