فَكَأَنَّهُ كَرَّرَ الْقَوْل، فَلاَ يَتَعَلَّقُ بِالْكَلاَمِ الْمَذْكُورِ أَوَّلاً (?)
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الاِتِّصَال؛ أَنَّ الْقَوْل بِجَوَازِ الاِسْتِثْنَاءِ غَيْرِ الْمُتَّصِل يَسْتَلْزِمُ أَلاَّ يَجْزِمَ بِصِدْقٍ أَوْ كَذِبٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَْخْبَارِ لاِحْتِمَال الاِسْتِثْنَاءِ، وَكَذَلِكَ لاَ يَثْبُتُ عَقْدٌ مِنَ الْعُقُودِ، وَلإِِجْمَاعِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ عَلَى وُجُوبِ الاِتِّصَال. فَلَوْ قَال: لَهُ عَشَرَةٌ، ثُمَّ زَادَ بَعْدَ شَهْرٍ: إِلاَّ ثَلاَثَةً يُعَدُّ لَغْوًا.
وَلَعَل مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَنْ قَال شِبْهَ قَوْلِهِ، إِنَّمَا قُصِدَ بِهِ أَنَّ مَنْ نَسِيَ أَنْ يَقُول: " إِنْ شَاءَ اللَّهُ " يَقُولُهَا مَتَى تَذَكَّرَ ذَلِكَ، وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، امْتِثَالاً لِلآْيَةِ، وَلَيْسَ فِي الاِسْتِثْنَاءِ الْمُوجِبِ رَفْعُ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى (?) كَمَا تَقَدَّمَ.
17 - وَيُشْتَرَطُ فِي الاِسْتِثْنَاءِ أَلاَّ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مُسْتَغْرِقًا لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنَّ الاِسْتِثْنَاءَ الْمُسْتَغْرِقَ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، إِلاَّ عِنْدَ مَنْ شَذَّ.
وَادَّعَى الْبَعْضُ الإِْجْمَاعَ عَلَيْهِ. فَلَوْ قَال: " لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إِلاَّ عَشَرَةً " لَغَا قَوْلُهُ " إِلاَّ عَشَرَةً " وَلَزِمَهُ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ. وَمِمَّنْ شَذَّ ابْنُ طَلْحَةَ الْمَالِكِيُّ فِي الْمَدْخَل، نَقَل عَنْهُ الْقَرَافِيُّ أَنَّهُ قَال فِيمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا إِلاَّ ثَلاَثًا ": لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلاَقٌ (?) .