وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا، بَل أَجَازُوا الْقَصْرَ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ - أَيْضًا -، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي فِي الْمِقْدَارِ الْمَفْرُوضِ عَلَى الْمُسَافِرِ مِنَ الصَّلاَةِ سَفَرُ الطَّاعَةِ مِنَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ، وَسَفَرُ الْمُبَاحِ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَنَحْوِهِ، وَسَفَرُ الْمَعْصِيَةِ كَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْبَغْيِ؛ لأَِنَّ الدَّلاَئِل الَّتِي وَرَدَتْ لاَ تُوجِبُ الْفَصْل بَيْنَ مُسَافِرٍ وَمُسَافِرٍ. وَمِنْ هَذِهِ الدَّلاَئِل قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ. . .} (?) ، وقَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} (?) وَقَوْل عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: جَعَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ (?) مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ سَفَرٍ وَسَفَرٍ، فَوَجَبَ الْعَمَل بِعُمُومِ النُّصُوصِ وَإِطْلاَقِهَا (?) .

الثَّانِيَةُ: مَسَافَةُ السَّفَرِ:

19 - وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ الإِْنْسَانُ مَسِيرَةَ مَسَافَةِ السَّفَرِ الْمُقَدَّرَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَوْ طَافَ الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَسِيرَةِ الْمَسَافَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015