وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ لِقَوْل مُحَمَّدٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ - أَيْضًا - بِأَنَّ الْفُلُوسَ أَثْمَانٌ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلاً، كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَدَلاَلَةُ الْوَصْفِ عِبَارَةٌ عَمَّا تُقَدَّرُ بِهِ مَالِيَّةُ الأَْعْيَانِ، وَمَالِيَّةُ الأَْعْيَانِ كَمَا تُقَدَّرُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ تُقَدَّرُ بِالْفُلُوسِ - أَيْضًا - فَكَانَتْ أَثْمَانًا، وَالثَّمَنُ لاَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) فَالْتُحِقَ التَّعْيِينُ فِيهِمَا بِالْعَدَمِ. فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا، كَمَا لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا. وَلأَِنَّهَا إِذَا كَانَتْ أَثْمَانًا فَالْوَاحِدُ يُقَابِل الْوَاحِدَ، فَبَقِيَ الآْخَرُ فَضْل مَالٍ لاَ يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الرِّبَا، كَمَا حَرَّرَهُ الْكَاسَانِيُّ (?) .
وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الأَْظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ يَغْلِبُ عَلَيْهَا حُكْمُ الأَْثْمَانِ، وَتُجْعَل مِعْيَارًا لأَِمْوَال النَّاسِ. وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَضْرِبَ لَهُمْ فُلُوسًا تَكُونُ بِقِيمَةِ الْعَدْل فِي مُعَامَلاَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لَهُمْ (?) .
هَذَا، وَتَفْصِيل التَّعَامُل بِالْفُلُوسِ وَأَحْكَامِهَا فِي مُصْطَلَحِ (فُلُوسٌ (?)) .