قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ مَا غَلَبَ ذَهَبُهُ أَوْ فِضَّتُهُ حُكْمُهُمَا حُكْمُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْخَالِصَيْنِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ النُّقُودَ لاَ تَخْلُو عَنْ قَلِيل غِشٍّ لِلاِنْطِبَاعِ، فَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْخَالِصِ بِهِ، وَلاَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إِلاَّ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا.
وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْغِشُّ مِنْهُمَا فَفِي حُكْمِ الْعُرُوضِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ؛ فَصَحَّ بَيْعُهُ بِالْخَالِصِ إِنْ كَانَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْمَغْشُوشِ؛ لِيَكُونَ قَدْرُهُ بِمِثْلِهِ وَالزَّائِدِ بِالْغِشِّ. وَيَجُوزُ كَذَلِكَ صَرْفُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلاً وَزْنًا وَعَدَدًا بِصَرْفِ الْجِنْسِ لِخِلاَفِهِ، أَيْ: بِأَنْ يَصْرِفَ فِضَّةً كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى غِشِّ الآْخَرِ، وَذَلِكَ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ قَبْل الاِفْتِرَاقِ؛ لأَِنَّهُ صَرْفٌ فِي الْبَعْضِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ أَوِ الذَّهَبِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، وَيُشْتَرَطُ فِي - الْغِشِّ أَيْضًا -؛ لأَِنَّهُ لاَ تَمْيِيزَ إِلاَّ بِضَرَرٍ (?) .
وَإِنْ كَانَ الْخَالِصُ مِثْل الْمَغْشُوشِ، أَوْ أَقَل مِنْهُ، أَوْ لاَ يُدْرَى فَلاَ يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلرِّبَا فِي الأَْوَّلَيْنِ، وَلاِحْتِمَالِهِ فِي الثَّالِثِ، وَلِلشُّبْهَةِ فِي الرِّبَا حُكْمُ الْحَقِيقَةِ.
وَهَذَا النَّوْعُ، أَيِ: الْغَالِبُ الْغِشِّ لاَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ إِنْ رَاجَ، لِثَمَنِيَّتِهِ حِينَئِذٍ، لأَِنَّهُ بِالاِصْطِلاَحِ صَارَ أَثْمَانًا، فَمَا دَامَ ذَلِكَ