قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَإِذَا وَقَفَهَا تُرَاعَى شُرُوطُ وَقْفِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ سُلْطَانًا أَمْ أَمِيرًا أَمْ غَيْرَهُمَا. أَيْ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ مَلَكَهَا قَبْل وَقْفِهَا. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ شِرَاؤُهُ لَهَا وَعَدَمُهُ، ثُمَّ وَقَفَهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لاَ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ وَقْفِهِ (?) .
13 - لاَ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَشْتَرِيَ الإِْمَامُ لِنَفْسِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَوْزِ؛ لأَِنَّهُ قَائِمٌ عَلَيْهَا، كَقِيَامِ الْوَلِيِّ عَلَى مَال الْيَتِيمِ. قَالُوا: وَإِذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِبَيْعِهَا لِغَيْرِهِ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ مِنَ الْمُشْتَرِي (?) ، لأَِنَّ هَذَا أَبْعَدُ مِنَ التُّهْمَةِ.
14 - إِنْ وَقَفَ بَعْضُ السَّلاَطِينِ شَيْئًا مِنَ الْقُرَى وَالْمَزَارِعِ مِنْ أَرْضِ الْحَوْزِ، لِمَصَالِحِ مَا بَنَوْا مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْعِمَارَاتِ وَالْمَدَارِسِ، مَعَ بَقَاءِ رَقَبَةِ الأَْرْضِ بِأَيْدِي الرَّعَايَا، فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ وَقْفًا، وَإِنِ اعْتَقَدَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهَا وَقْفٌ، بَل يَكُونُ خَرَاجُهَا (أَيْ غَلَّتُهَا الْمَأْخُوذَةُ لِلدَّوْلَةِ مِنَ الْمُنْتَفِعِ بِهَا) لِلْجِهَاتِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ.
وَلاَ يَلْزَمُ الْخَرَاجُ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ. وَلاَ يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنَ السَّلاَطِينِ أَنْ يُبْطِلَهُ (?) . وَلاَ يَلْزَمُ مُرَاعَاةُ شُرُوطِ هَذَا الْوَقْفِ.
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ تَسْمِيَةَ هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّصَرُّفِ (إِرْصَادًا) ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الأَْلْفَاظِ ذَاتِ الصِّلَةِ.