وَلَمَّا كَانَتِ السِّيَاسَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى أَسَاسَ الْحُكْمِ، لِذَلِكَ سُمِّيَتْ أَفْعَال رُؤَسَاءِ الدُّوَل، وَمَا يَتَّصِل بِالسُّلْطَةِ " سِيَاسَةٌ " وَقِيل بِأَنَّ الإِْمَامَةَ الْكُبْرَى - رِئَاسَةَ الدَّوْلَةِ - " مَوْضُوعَةٌ لِخِلاَفَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا (?) " وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ عِلْمَ السِّيَاسَةِ: " هُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْهُ أَنْوَاعُ الرِّيَاسَاتِ وَالسِّيَاسَاتِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ، وَأَحْوَالُهَا: مِنْ أَحْوَال السَّلاَطِينِ وَالْمُلُوكِ وَالأُْمَرَاءِ وَأَهْل الاِحْتِسَابِ وَالْقَضَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَزُعَمَاءِ الأَْمْوَال وَوُكَلاَءِ بَيْتِ الْمَال، وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ.
وَمَوْضُوعُهُ الْمَرَاتِبُ الْمَدَنِيَّةُ وَأَحْكَامُهَا، وَالسِّيَاسَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى فَرْعٌ مِنَ الْحِكْمَةِ الْعَمَلِيَّةِ (?) .
وَلَعَل أَقْدَمَ نَصٍّ وَرَدَتْ فِيهِ كَلِمَةُ " السِّيَاسَةِ " بِالْمَعْنَى الْمُتَعَلِّقِ بِالْحُكْمِ هُوَ قَوْل عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ لأَِبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ فِي وَصْفِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: " إِنِّي وَجَدْتُهُ وَلِيَّ الْخَلِيفَةِ الْمَظْلُومِ، وَالطَّالِبَ