وَقَدِ احْتَجَّ الْكَاسَانِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ " أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ " فَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ؛ لأَِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ، لِمَا رُوِّينَا أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الإِْنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ (?) ، سُمِّيَ السَّلَمُ بَيْعًا، فَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَبِيعًا، وَالْمَبِيعُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لاَ تَتَعَيَّنُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، فَلَمْ تَكُنْ مَبِيعَةً، فَلاَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا " (?) .
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَعُدُّونَ الْمَذْرُوعَاتِ الْمُتَمَاثِلَةَ الآْحَادِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةَ أَوِ الْمُتَسَاوِيَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي تَقْبَل الثُّبُوتَ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا فِي عَقْدِ السَّلَمِ، وَيَصِحُّ كَوْنُهَا مُسْلَمًا فِيهَا قِيَاسًا عَلَى الْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ الَّتِي نَصَّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا؛ لِلْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ بَيْنَهُمَا وَهِيَ رَفْعُ الْجَهَالَةِ بِالْمِقْدَارِ؛ لأَِنَّ الْقَصْدَ مِنَ التَّقْدِيرِ هُوَ رَفْعُ الْجَهَالَةِ وَإِمْكَانُ