حُكْمِ الإِْرْسَال بِالشِّرَاءِ تَبَعًا لِلَفْظِ الرَّسُول، فَإِذَا أَسْنَدَ الرَّسُول الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ طُولِبَ بِالثَّمَنِ، لَكِنْ إِذَا أَقَرَّ الْمُرْسِل بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ غَرِيمَانِ، فَيَتْبَعُ أَيَّهُمَا شَاءَ، إِلاَّ أَنْ يَحْلِفَ الْمُرْسِل أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلرَّسُول فَإِنَّهُ يَبْرَأُ، وَيَتْبَعُ الرَّسُول، أَمَّا إِذَا أَسْنَدَ الشِّرَاءَ لِمَنْ أَرْسَلَهُ فَإِنَّهُ لاَ يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُطَالَبُ بِهِ الْمُرْسِل (?) .
هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ الدَّرْدِيرُ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ أَنَّ الرَّسُول إِذَا قَال: بَعَثَنِي فُلاَنٌ لِتَبِيعَهُ كَذَا بِمِائَةٍ، أَوْ لِيَشْتَرِيَ مِنْكَ كَذَا بِمِائَةٍ مَثَلاً، فَرَضِيَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ، لاَ يُطَالَبُ الرَّسُول بِالثَّمَنِ، فَإِنْ أَنْكَرَ فُلاَنٌ هَذَا أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَالثَّمَنُ عَلَى الرَّسُول. أَمَّا إِذَا قَال: بَعَثَنِي فُلاَنٌ لأَِشْتَرِيَ لَهُ مِنْكَ، فَيُطَالَبُ الرَّسُول بِالثَّمَنِ؛ لأَِنَّهُ فِي الْحَالَةِ الأُْولَى أَسْنَدَ الشِّرَاءَ لِغَيْرِهِ، وَفِي الْحَال الأَْخِيرَةِ أَسْنَدَ الشِّرَاءَ إِلَى نَفْسِهِ (?) .
كَمَا أَجْمَعَ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الرَّسُول بِالشِّرَاءِ لاَ يَمْلِكُ إِبْطَال الْخِيَارِ، وَلاَ تَكُونُ رُؤْيَتُهُ رُؤْيَةَ الْمُرْسِل، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُرْسِل إِذَا لَمْ يَرَهُ (?) . وَقَدْ عَقَّبَ الإِْمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ عَلَى هَذَا الأَْمْرِ بِأَنَّ رُؤْيَةَ الرَّسُول وَقَبْضَهُ لاَ يَلْزَمُ الْمُرْسِل الْمَتَاعُ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ عِلْمُ الْعَاقِدِ بِأَوْصَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِيَتِمَّ رِضَاهُ، وَذَلِكَ لاَ يَحْصُل بِرُؤْيَةِ الرَّسُول، فَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّ قَبْضَ رَسُولِهِ كَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ قَبَضَ بِنَفْسِهِ قَبْل الرُّؤْيَةِ كَانَ بِالْخِيَارِ إِذَا رَآهُ، فَكَذَلِكَ إِذَا أَرْسَل