وَهُوَ إِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَرَامُ وَيَقِل فِيهِ الْحَلاَل فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّفَرُ مِنْهُ إِلَى بَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ الْحَلاَل. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ مَوْضِعٍ يُشَاهَدُ فِيهِ الْمُنْكَرُ مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ إِلَى مَوْضِعٍ لاَ يُشْهَدُ فِيهِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْهَرَبُ مِنْ بَلَدٍ أَوْ مَوْضِعٍ يُذِل فِيهِ نَفْسَهُ إِلَى مَوْضِعٍ يُعِزُّ فِيهِ نَفْسَهُ؛ لأَِنَّ الْمُؤْمِنَ عَزِيزٌ لاَ يُذِل نَفْسَهُ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ لاَ عِلْمَ فِيهِ إِلَى بَلَدٍ فِيهِ الْعِلْمُ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ الْهُرُوبُ مِنْ بَلَدٍ يُسْمَعُ فِيهِ سَبُّ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنِ الإِْنْسَانَ التَّغْيِيرُ وَالإِْصْلاَحُ.

وَأَمَّا سَفَرُ الطَّلَبِ فَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ - وَيُوَافِقُهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَيْهَا - وَاجِبٌ كَسَفَرِ حَجِّ الْفَرِيضَةِ وَالْجِهَادِ إِذَا تَعَيَّنَ.

وَمَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالطَّاعَةِ قُرْبَةً لِلَّهِ سُبْحَانَهُ كَالسَّفَرِ لِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَوْ لِصِلَةِ الرَّحِمِ أَوْ طَلَبِ الْعِلْمِ أَوْ لِلتَّفَكُّرِ فِي الْخَلْقِ، وَمُبَاحٌ وَهُوَ سَفَرُ التِّجَارَةِ، وَمَمْنُوعٌ وَهُوَ السَّفَرُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى. وَمَثَّل الشَّافِعِيَّةُ لِلسَّفَرِ الْمَكْرُوهِ بِاَلَّذِي يُسَافِرُ وَحْدَهُ، وَسَفَرُ الاِثْنَيْنِ أَخَفُّ كَرَاهَةً، وَذَلِكَ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْدَةَ فِي السَّفَرِ (?) وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرَّاكِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015