وَيَأْخُذُ الشَّيْءَ خُفْيَةً وَلَكِنَّهُ يُتْلِفُهُ وَهُوَ دَاخِل الْحِرْزِ؛ لأَِنَّهُ إِنْ أَتْلَفَ مَا يَفْسُدُ بِالإِْتْلاَفِ كَأَنْ أَكَل الطَّعَامَ، أَوْ أَحْرَقَ الْمَتَاعَ، أَوْ مَزَّقَ الثَّوْبَ، أَوْ كَسَرَ الآْنِيَةَ، فَلاَ يُعَدُّ سَارِقًا، بَل مُتْلِفًا، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَالتَّعْزِيرُ. أَمَّا إِنْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ وَأَخْرَجَ الْبَعْضَ الآْخَرَ، وَكَانَتْ قِيمَةُ مَا أَخْرَجَهُ تُسَاوِي نِصَابًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ سَارِقًا، لِتَحَقُّقِ تَمَامِ الأَْخْذِ بِالْهَتْكِ وَالإِْخْرَاجِ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو يُوسُفَ؛ لأَِنَّ السَّارِقَ إِذَا أَتْلَفَ الْبَعْضَ يَصِيرُ ضَامِنًا، وَالْمَضْمُونَاتُ تُمْلَكُ بِالضَّمَانِ، فَيَكُونُ سَبَبُ الْمِلْكِ قَدِ انْعَقَدَ لَهُ قَبْل الإِْخْرَاجِ، وَلاَ يُقْطَعُ أَحَدٌ فِي مَال نَفْسِهِ. وَإِنْ كَانَ مَا أَتْلَفَهُ - وَهُوَ دَاخِل الْحِرْزِ - لاَ يَفْسُدُ بِالإِْتْلاَفِ، كَأَنْ يَبْتَلِعَ جَوْهَرَةً أَوْ دِينَارًا فَإِنَّهُ لاَ يُعَدُّ سَارِقًا أَيْضًا، حَتَّى لَوْ خَرَجَ بِمَا ابْتَلَعَهُ؛ لأَِنَّ الاِبْتِلاَعَ يُعْتَبَرُ اسْتِهْلاَكًا لِلشَّيْءِ، فَهُوَ مِنْ قَبِيل الإِْتْلاَفِ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ (?) .
أَمَّا غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ إِخْرَاجَ الْمَسْرُوقِ مِنْ حِرْزِهِ وَمِنْ حِيَازَةِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ يَسْتَتْبِعُ حَتْمًا إِدْخَالَهُ فِي حِيَازَةِ السَّارِقِ إِدْخَالاً فِعْلِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا. وَعَلَى ذَلِكَ: فَلَوْ دَخَل السَّارِقُ الْحِرْزَ، وَأَخَذَ الشَّيْءَ خُفْيَةً، وَرَمَى بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ حِينَ أَخْرَجَ الشَّيْءَ مِنْ