الشَّافِعِيَّةُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَقَالُوا: لأَِنَّهُ قَطْعٌ مُسْتَحَقٌّ مُقَدَّرٌ فَلاَ تُضْمَنُ سِرَايَتُهُ كَقَطْعِ السَّارِقِ، وَلاَ يُمْكِنُ التَّقْيِيدُ بِسَلاَمَةِ الْعَاقِبَةِ لِمَا فِيهِ سَدُّ بَابِ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ بِالْقِصَاصِ، وَالاِحْتِرَازُ عَنِ السِّرَايَةِ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَضْمَنُ دِيَةَ النَّفْسِ؛ لأَِنَّهُ قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ لأَِنَّ حَقَّهُ فِي الْقَطْعِ وَهُوَ وَقَعَ قَتْلاً، وَلَوْ وَقَعَ هَذَا الْقَطْعُ ظُلْمًا فِي غَيْرِ قِصَاصٍ وَسَرَى إِلَى النَّفْسِ، كَانَ قَتْلاً مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ أَوِ الدِّيَةِ؛ وَلأَِنَّهُ جُرْحٌ أَفْضَى إِلَى فَوَاتِ الْحَيَاةِ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ، وَهُوَ مُسَمَّى الْقَتْل إِلاَّ أَنَّ الْقِصَاصَ سَقَطَ لِلشُّبْهَةِ فَوَجَبَ الْمَال (?) .
وَالتَّفْصِيل فِي " قِصَاصٍ ".
وَالْعِبْرَةُ فِي الضَّمَانِ وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ لاَ بِوَقْتِ السِّرَايَةِ، فَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَا ثُمَّ مَاتَا بِالسِّرَايَةِ فَلاَ ضَمَانَ، كَعَكْسِهِ، بِأَنْ جَرَحَ حَرْبِيٌّ مُسْلِمًا فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْلِمُ؛ لأَِنَّهُ جُرْحٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ فَسِرَايَتُهُ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ.
وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ بِالْجُرْحِ،