وَقَال ابْنُ رُشْدٍ: إِنَّ أَبْوَابَ الذَّرَائِعِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَطُول ذِكْرُهَا وَلاَ يُمْكِنُ حَصْرُهَا.
3 - إِنَّ إِبَاحَةَ الْوَسَائِل إِلَى الشَّيْءِ الْمُحَرَّمِ الْمُفْضِيَةِ إِلَيْهِ نَقْضٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِغْرَاءٌ لِلنُّفُوسِ بِهِ، وَحِكْمَةُ الشَّارِعِ وَعِلْمُهُ يَأْبَى ذَلِكَ كُل الإِْبَاءِ، بَل سِيَاسَةُ مُلُوكِ الدُّنْيَا تَأْبَى ذَلِكَ، فَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ مَنَعَ جُنْدَهُ أَوْ رَعِيَّتَهُ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَبَاحَ لَهُمُ الطُّرُقَ وَالْوَسَائِل إِلَيْهِ، لَعُدَّ مُتَنَاقِضًا، وَلَحَصَل مِنْ جُنْدِهِ وَرَعِيَّتِهِ خِلاَفُ مَقْصُودِهِ. وَكَذَلِكَ الأَْطِبَّاءُ إِذَا أَرَادُوا حَسْمَ الدَّاءِ مَنَعُوا صَاحِبَهُ مِنَ الطُّرُقِ وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَيْهِ، وَإِلاَّ فَسَدَ عَلَيْهِمْ مَا يَرُومُونَ إِصْلاَحَهُ (?) .
4 - اسْتِقْرَاءُ مَوَارِدِ التَّحْرِيمِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُحَرَّمَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ تَحْرِيمَ الْمَقَاصِدِ، كَتَحْرِيمِ الشِّرْكِ وَالزِّنَى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَتْل الْعُدْوَانِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ تَحْرِيمٌ لِلْوَسَائِل وَالذَّرَائِعِ الْمُوَصِّلَةِ لِذَلِكَ وَالْمُسَهِّلَةِ لَهُ. اسْتَقْرَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ فَذَكَرَ لِتَحْرِيمِ الذَّرَائِعِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مِثَالاً مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (?) .
فَمِنْ سَدِّ الذَّرَائِعِ إِلَى الزِّنَى: تَحْرِيمُ النَّظَرِ الْمَقْصُودِ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَتَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَتَحْرِيمُ