وقَوْله تَعَالَى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (?) وَلأَِنَّهُ لاَ يَتَأَتَّى إِلاَّ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ قَادِرٌ بِهِ عَلَى تَغْيِيرِ الأَْجْسَامِ، وَالْجَزْمُ بِذَلِكَ كُفْرٌ. قَال الْقَرَافِيُّ: أَيْ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ ظَاهِرًا؛ وَلأَِنَّ تَعْلِيمَهُ لاَ يَتَأَتَّى إِلاَّ بِمُبَاشَرَتِهِ، كَأَنْ يَتَقَرَّبَ إِلَى الْكَوْكَبِ وَيَخْضَعَ لَهُ، وَيَطْلُبَ مِنْهُ قَهْرَ السُّلْطَانِ.

ثُمَّ فَرَّقَ الْقَرَافِيُّ بَيْنَ مَنْ يَتَعَلَّمُ السِّحْرَ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَتِهِ لِمَا يَصْنَعُ السَّحَرَةُ كَأَنْ يَقْرَؤُهُ فِي كِتَابٍ، وَبَيْنَ أَنْ يُبَاشِرَ فِعْل السِّحْرِ لِيَتَعَلَّمَهُ فَلاَ يَكْفُرُ بِالنَّوْعِ الأَْوَّل، وَيَكْفُرُ بِالثَّانِي حَيْثُ كَانَ الْفِعْل مُكَفِّرًا (?) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تَعْلِيمُهُ حَرَامٌ، إِلاَّ إِنْ كَانَ لِتَحْصِيل نَفْعٍ، أَوْ لِدَفْعِ ضَرَرٍ، أَوْ لِلْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ (?) .

وَقَال الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: الْعِلْمُ بِالسِّحْرِ لَيْسَ بِقَبِيحٍ وَلاَ مَحْظُورٍ، قَال: وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْعِلْمَ لِذَاتِهِ شَرِيفٌ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُل هَل يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} (?) وَلأَِنَّ السِّحْرَ لَوْ لَمْ يَكُنْ يُعَلَّمُ لَمَا أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْجِزِ، وَالْعِلْمُ بِكَوْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015