وَاشْتَرَطَ الأَْئِمَّةُ الثَّلاَثَةُ أَنْ تَتِمَّ وِلاَدَتُهُ كُلُّهُ حَيًّا. وَتُعْرَفَ حَيَاتُهُ بِالاِسْتِهْلاَل صَارِخًا. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا سِوَى الاِسْتِهْلاَل. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لاَ يَرِثُ حَتَّى يَسْتَهِل، وَلاَ يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الاِسْتِهْلاَل مَا هُوَ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لاَ يَرِثُ حَتَّى يَسْتَهِل صَارِخًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَرُوِيَ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، مُسْتَدِلِّينَ بِأَنَّ مَفْهُومَ قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا اسْتَهَل الْمَوْلُودُ وَرِثَ (?) أَنَّهُ لاَ يَرِثُ بِغَيْرِ الاِسْتِهْلاَل، وَلأَِنَّ الاِسْتِهْلاَل لاَ يَكُونُ إِلاَّ مِنْ حَيٍّ. وَالْحَرَكَةُ تَكُونُ مِنْ غَيْرِ حَيٍّ. وَرُوِيَ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَال: يَرِثُ السِّقْطُ وَيُورَثُ إِذَا اسْتَهَل. فَقِيل لَهُ مَا اسْتِهْلاَلُهُ؟ قَال: إِذَا صَاحَ أَوْ عَطَسَ أَوْ بَكَى، فَعَلَى هَذَا كُل صَوْتٍ يُوجَدُ مِنْهُ تُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ فَهُوَ اسْتِهْلاَلٌ، وَهَذَا قَوْل الزُّهْرِيِّ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، لأَِنَّهُ صَوْتٌ عُلِمَتْ بِهِ حَيَاتُهُ فَأَشْبَهَ الصُّرَاخَ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: إِذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُ بِصَوْتٍ أَوْ حَرَكَةٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَرِثَ وَثَبَتَتْ لَهُ أَحْكَامُ الْمُسْتَهِل، لأَِنَّهُ حَيٌّ. وَبِهَذَا قَال الثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. (?)
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ تَأْتِيَ بِهِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَأَتَتْ بِهِ لأَِقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَذَبَتْ، وَوَرِثَ، وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ فِي دَعْوَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَتَتْ بِهِ لِتَمَامِ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْل، أَوْ لأَِقَل مِنْ ذَلِكَ وَرِثَ، لأَِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِقَةً قَبْل الْمَوْتِ.
وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لأَِكْثَرَ مِنْ تَمَامِ مُدَّةِ الْحَمْل - عَلَى