وَمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَلاَ يَزُول مِلْكُهُ عَنْهَا. (?) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ. وَمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَأَخَذَهَا إِنْسَانٌ فَأَصْلَحَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا. قَال الْحَنَفِيَّةُ: هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُول عِنْدَ التَّسْيِيبِ: جَعَلْتُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا، فَحِينَئِذٍ لاَ سَبِيل لِصَاحِبِهَا عَلَيْهَا لأَِنَّهُ أَبَاحَ التَّمَلُّكَ، وَفِي الْقِيَاسِ تَكُونُ لِصَاحِبِهَا.
وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ سَيَّبَهَا وَلَمْ يَقُل شَيْئًا، فَإِنَّ صَاحِبَهَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ أَصْلَحَهَا؛ لأَِنَّهُ لَوْ جَازَ تَمَلُّكُ مَنْ وَجَدَهَا وَأَصْلَحَهَا مِنْ غَيْرِ قَوْل الْمَالِكِ هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا، لَجَازَ ذَلِكَ فِي الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ يَتْرُكُهُ مَرِيضًا فِي أَرْضٍ مُهْلِكَةٍ، فَيَأْخُذُهُ رَجُلٌ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَبْرَأُ فَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ، وَيَطَأُ الْجَارِيَةَ وَيُعْتِقُ الْعَبْدَ بِلاَ شِرَاءٍ وَلاَ هِبَةٍ وَلاَ إِرْثٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَهَذَا أَمْرٌ قَبِيحٌ. (?)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ تَرَكَ دَابَّتَهُ بِمَهْلَكَةٍ فَأَخَذَهَا إِنْسَانٌ فَأَطْعَمَهَا وَسَقَاهَا وَخَلَّصَهَا مَلَكَهَا، وَبِهَذَا قَال اللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ مَرْفُوعًا أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا أَنْ يَعْلِفُوهَا فَسَيَّبُوهَا فَأَخَذَهَا فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ. (?)