أَضَعُ عَلَى رَأْسِي قَلَنْسُوَةَ الْمَجُوسِ، وَكَانَتْ عَلاَمَةً خَاصَّةً بِهِمْ يَكْفُرُ؛ لأَِنَّ وَضْعَ تِلْكَ الْقَلَنْسُوَةِ كَشَدِّ الزُّنَّارِ عَلاَمَةُ الْكُفْرِ.
وَمَنْ شَدَّ الزُّنَّارَ وَدَخَل دَارَ الْحَرْبِ كَفَرَ، قَال الأُْسْرُوشَنِيُّ: إِنْ فَعَل ذَلِكَ لِتَخْلِيصِ الأَْسِيرِ لاَ يَكْفُرُ، وَلَوْ دَخَل لِلتِّجَارَةِ كَفَرَ، وَمَنْ لَفَّ عَلَى وَسَطِهِ حَبْلاً وَقَال: هَذَا زُنَّارٌ لاَ يَكْفُرُ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَكْفُرُ؛ لأَِنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْكُفْرِ (?) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَمَا قَال الدَّرْدِيرُ: مِنْ عَلاَمَاتِ الرِّدَّةِ صُدُورُ فِعْلٍ يَقْتَضِي الْكُفْرَ كَشَدِّ زُنَّارٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَلْبُوسُ الْكَافِرِ الْخَاصُّ بِهِ أَيْ إِذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلاً لأَِهْلِهِ، وَأَمَّا إِنْ لَبِسَهُ لَعِبًا فَحَرَامٌ وَلَيْسَ بِكُفْرٍ، قَال الدُّسُوقِيُّ: يَكْفُرُ إِذَا فَعَلَهُ حُبًّا فِيهِ سَوَاءٌ أَسَعَى بِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَنَحْوِهَا أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ أَفَعَلَهُ فِي بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ أَمْ فِي بِلاَدِهِمْ، فَالْمَدَارُ فِي الرِّدَّةِ عَلَى فِعْلِهِ حُبًّا فِيهِ وَمَيْلاً لأَِهْلِهِ كَمَا فِي الْبُنَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَرْزُوقٍ، لَكِنَّ الزَّرْقَانِيَّ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالسَّعْيِ بِهِ لِلْكَنِيسَةِ وَبِفِعْلِهِ فِي بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ.
قَال الدُّسُوقِيُّ: وَإِنْ فَعَل ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ كَأَسِيرٍ عِنْدَهُمْ يُضْطَرُّ إِلَى اسْتِعْمَال ثِيَابِهِمْ، فَلاَ حُرْمَةَ عَلَيْهِ فَضْلاً عَنِ الرِّدَّةِ كَمَا قَال ابْنُ مَرْزُوقٍ (?) .